الساقية.. انتهى عصر الدونكيشوت
نحن جميعاً ندور في طاحونة الحياة
نظل طوال عمرنا ندور وندور
ونقضي عمرنا كله ونحن ندور في الحياة
نجري خلف أوهام.. خلف سراب
ونحن سواء مغمى عيوننا
أو وحتى ونحن مفتحي الأعين
تماماً مثل الطاحونة ومنكم من يسمّيها "الساقية"
والساقية أو الطاحونة في بلادي
يجرّها ثور مغمّض الأعين
سألت أبي -رحمه الله- ذات مرة عندما ذهبت معه لقريتنا-:
لم هذا الثور أو "الجاموس" وهو الذي يستخدم في قريتنا
في الساقية.. مغمض العينين؟
فأجابني أبي: يا ابنتي.. حتى يظن هذا الجاموس أنه يسير لمسافة بعيدة
أجل.. حتى يظن هذا الجاموس أنه يسير لمسافة بعيدة
صحيح أنه بسيره وجرّه للساقية تعمل ماكينة المياه
وتتدفق المياه الصالحة للشرب.. كي نشربها
ولكن هذا الثور أو الجاموسة.. يظل يمشي ويمشي حتى يتعب ويكلّ
وهو ظاناً بنفسه أنه سار بلاد ومشى لمسافات طويلة
وهو لم يجني أي شيء.. سوى أن تورمّت أقدامه
وتعبت نفسه.. وانهدّ حاله وخارت قواه في النهاية
تذكرت هذا الثور ونحن نجري جميعاً خلف السراب
تذكرت هذا الجاموس ونحن نسعى من أجل الآخرين
لنقدّم الرفاهية للأبناء.. وللأسرة.. وفي النهاية نسقط صرعى
ونسقط مرضى.. وهم بالنسبة لهم عادي.. لاجزاء.. ولاشكور
ذكرني حال الثور أو الجاموس بحال الدونكيشوت
ذلك الفارس المغوار الذي ظن نفسه يحارب حقاً
بيد أنه.. كان واكتشف في النهاية.. أنه يحارب طواحين الهواء
وهذا حال أغلبنا.. إن لم يكن حالنا... جميعاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق